وزارة التعليم و جرعات التطعيم
لا أدري ما المبرر الذي دفع وزارة التعليم إلى أن تتخذ قرارًا بتجزئة السنة الدراسية إلى ثلاثة فصول دراسية؟ وما الهدف من ذلك؟ هل لتوسيع المدة الزمنية للدراسة؟ أم لعقاب وتأديب الطلاب والطالبات بكرباج الفصل الدراسي الثالث بعد أن مكثوا في منازلهم طوال فترة جائحة كورونا؟ أم لأن الوزارة رأت ما لا يمكن أن يراه الآخرون بأن الفصلَيْن الدراسيَّيْن غير كافيَيْن لمنتج تعليمي ومعرفي؛ وهنا لا بد من جرعة ثالثة؟ لنتساءل عن إمكانية تقسيم المقرر الدراسي إلى ثلاثة أجزاء، كيف تتم؟ وإذا تعذر ذلك هل بمقدور الوزارة توفير ثلاثة مقررات لكل مادة دراسية في العام؟ مع إيصالها لكل المدارس وفي وقت قياسي، وإن كنا من خلال تجارب سابقة يحدث أن تبدأ الدراسة وبعض المقررات لم تُطبع بعد! والسؤال: هل درست الوزارة بعمق آراء جميع الأطياف المتعلقة بقرار مثل هذا، وهم الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات والمشرفون التربويون والمشرفات وأولياء أمور الطلاب؟
واستنتاجًا للحيثيات السابقة فإن ثلاثة فصول تزيد من ارتباك الأُسر للارتباط الجمعي في قضاء الإجازات؛ وهنا تكون عملية التنسيق صعبة لمحدودية وقت الإجازة. أما بالنسبة للطلاب والطالبات فعليهم الصبر مما ستدفع إليه الوزارة من مناهج لتشغل معظم أيام السنة، فضلاً عن الأعباء الإضافية للمعلمين والمعلمات في كل ما يتعلق بالعملية التعليمة، والاستعداد لها تحضيرًا لمقررات دراسية، وتقديمًا للدروس، وتطبيقًا لطرائق التدريس، واستعمالاً لوسائل التعليم، وتعاملاً مع الطلاب، وتفعيلاً للأنشطة. والإشكالية تتسع إلى الجانب الاقتصادي، سواء على الأسرة أو الدولة، بتوفير مقررات تصلح لأن تغطي احتياج الفصول الثلاثة، والبقاء في المدارس معظم أيام السنة، وما يترتب من صرف مائي وكهربائي؛ لنعود ونقول: هل بالفعل وزارة التعليم درست القرار من جميع جوانبه؟ وهل يمكن للناطق الإعلامي بوزارة التعليم الظهور وإيضاح ذلك؛ لعلَّنا نستوعب ما الذي توده الوزارة؟ وهل كل مسؤولي الوزارة راضون ومتفقون على هذا القرار؟ أظن أن الأيام القادمة تكشف ما لا يسرُّ مسؤولي الوزارة بردود فعل ساخنة، وأن التريث ودراسة قرار مهم كهذا، له علاقة بما يزيد على ستة ملايين طالب وطالبة، ونصف مليون معلم ومعلمة، وله علاقة أيضًا مع معظم الأسر السعودية، يجب أن يُدرس بشكل دقيق، أو على الأقل يُطبّق كتجربة في عدد من المدارس المنتقاة في مناطق السعودية؛ حتى يتم تقديم المبررات العلمية بناء على شواهد ميدانية ودراسات علمية. وهذا ما ينبغي أن تطبقه وزارة التعليم بصفتها قائدة التنمية البشرية كغيرها في أي دولة في العالم.